الفيلم المصري الروائي الطويل حظر تجول المشارك في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، واللي كسبت فيه إلهام شاهين جايزة أحسن ممثلة، بيرجعنا لخريف 2013 بعد فرض حظر التجول علي مصر كلها، وبعد خروج فاتن، إلهام شاهين، من السجن بعشرين سنة بتضطر تقضي ليلتها مع ليلي، أمينة خليل، واللي بتقيم لها محاكمة تانية في محاولة للبحث عن إجابات لأسئلة قديمة مسكوت عنها ومحطوطة في موضع التابوهات، زي زنا المحارم.
الفيلم من تأليف وإخراج أمير رمسيس
حظر تجول وزنا المحارم المسكوت عنه
في حوار مع اليوم السابع قالت إلهام شاهين عن فيلم حظر تجول:
“كنت خايفة من الفيلم والإعلان عن قضيته ولكن نتمنى أن ينال إعجاب المشاهدين”.
في مداخلة هاتفية مع برنامج حضرة المواطن أضافت أن زنا المحارم هو ظاهرة منتشرة جداً مش في مصر وحدها ولكن في كل حتة في العالم وقالت:
“هي ظاهرة مخجلة والسينما كانت تخجل من طرحها وعرضها”.
ورغم أن زنا المحارم بالفعل هو ظاهرة منتشرة في العالم كله ومصر مش بمنأي عن الحقيقة المؤسفة دي إلا أن السينما المصرية والميديا عموماً بتستقصد السكوت عن القضية دي لأنها بتمس جوانا وتر حساس أوي.
حمو بيكا وزنا المحارم في الواقع المصري
في 2017 نزل مهرجان إنتحار علي خط النار، واللي بيتكلم عن أسرة مكونة من أب وأبن وأخت داخلين مع بعض في علاقة جنسية غريبة.
المهرجان بيختتم القصة المرعبة دي بقتل الأم لبنتها.
القائمين علي صناعة المهرجان اتعرضوا لهجوم شرس من الشعب المصري كله ومن الميديا بالذات.
كان تبرير الهجوم أن المهرجان بيناقش حاجة بتتعدي علي قيم الأسرة المصرية. زي ما يكون زنا المحارم وإستغلال الأطفال جنسياً وقتل الضحية والإغتصاب اللي بيحصل مش بيتعدي علي قيم الأسرة المصرية!
حظر التجول علي المشاعر الإنسانية
العلاقة المتوترة اللي بتتولد علي الشاشة ما بين فاتن وليلي مبهرة. كمية الشد والجذب العاطفي اللي بيحصل ما بين الشخصيتين دول مش ممكن يكون مجرد أداء تمثيلي لممثلتين شاطرين.
وقفت وقت طويل جداً كمشاهد قدام العلاقة المربكة والمشاعر الصعبة اللي بتدور في فلك الشخصيتين دول.
قدر رمسيس بعبقرية المخرج يفصل بشكل حازم ما بين إلهام شاهين وأمينة خليل قبل ما يتقابلوا في التصوير، وأصر أن النجمتين، اللي متقابلوش علي أرض الواقع قبل كدا، يفضلوا أغراب عن بعض لحد اللحظة اللي يتجمعوا فيها قدام الكاميرا، علشان يقدر يخلق إحساس الغربة والتنافر اللي ما بين فاتن وليلي.
كان من الواضح جداً أن ليلي شايفة فاتن اللي تعرفها من السيناريو. فاتن اللي شايفه أنها دمرت حياتها ورافضة حتي تفهمها ليه عملت كدا.
وفاتن مش شايفة غير ليلي اللي بتحبها حب الأم رغم الجفاء والبعد اللي بينهم.
المنطقة الرمادية ما بين الخير والشر
قدر رمسيس يؤسس لشخصياته بعبقرية في سيناريو بعتبره واحد من أقوي السيناريوهات اللي اتعملت في أخر عشر سنين في السينما المصرية.
نجح في التأسيس للشخصيات من خلال رابط واحد يجمعهم كلهم من برة وفي نفس الوقت بيكون الرابط ده هو سر الخلاف والتنافر والصراع من الداخل.
الصراع الناشئ ما بين الشخصيات الرئيسية في الفيلم لا يحتمل مفاهيم الخير والشر ومش بيشوف العالم كأبيض وأسود، بالعكس، الصراع بيظهر الشخصيات كبشر عندهم دوافع وأسباب وضايعين في حيز أخلاقي رمادي ما بين خطي الأبيض والأسود للخير.
لأن الجحيم مصير الذين يتخذون الحياد في الأزمات الأخلاقية
ولأن الإنسان عنده غريزة بشرية بدائية لإتخاذ مواقف اتجاه الخير والشر، قدر رمسيس يحقق الإشباع الغريزي ده بخلق شخصية عديمة الأسم والقيمة والمعني، واللي هي الأب اللي اعتدي جنسياً علي بنته، علشان يفرغ فيها المشاهد مشاعر الكراهية، وبعد ما يفرغ شحنته دي يقدر يشوف باقي الشخصيات في حقيقتها الرمادية.
نختلف هنا مع رمسيس أنه محاولش يؤسس لشخصية الأب اللي بيعتدي علي بنته ولا يمنحه بعد إنساني أبعد من كدا بعشرة سنتي حتي. وأنه استقصد ده جداً علشان يفرغ شحنة المشاهد من مفاهيم الخير والشر!
كلنا تعساء وكلنا بنقاوح
الكل هنا تعساء للغاية بس بيحاولوا يبينوا العكس وبيقاوحوا علشان عزة النفس بتمنعهم.
رغم البعد السياسي العميق اللي أسم الفيلم بيوحي بيه إلا أنه في الحقيقة قدر ينأي بنفسه عن تعقيدات السياسة اللي مكانتش هتضيف للسيناريو أي شىء، وقدر ينغمس بقوة في استيعاب البشر وفهم تصرفاتهم لحد ما وصل لنهاية مفتوحة مفهاش أي تحامل علي حد. معركة كل أطرافها تعساء ومقهورين.
What do you think?
It is nice to know your opinion. Leave a comment.